"لا بأس ، لكن لا يجب ، يستحب أن يراها وتراه لأن هذا أقرب إلى الوئام ، النبي صلى الله عليه وسلم أمر من خطب أن ينظر ، فإذا كشفت له وجهها وكفيها ورأسها فلا بأس على الصحيح . قال بعض أهل العلم : يكفي الوجه والكفان ، ولكن الصحيح أنه لا بأس بكشف الرأس والقدمين أيضاً حتى يستكمل محاسنها . فلها أن تنظر إليه وله أن ينظر إليها ؛ لأن هذا أقرب أن يؤدم بينهما كما جاء به الحديث ، وينبغي أن يكون هذا من دون خلوة ، بل يكون معهما أبوها أو أخوها أو امرأة أخرى ولا يخلو بها" انتهى .
الحمد لله
أولاً :
إن هذه الأفعال التي تسأل عن مجالسة صاحبها هي : كفرٌ ، وردة ، ونعجب من انتسابه للإسلام وهو على هذه الحال ، فترك الصلاة كفر أكبر ، ثبت ذلك بالكتاب ، والسنَّة ، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم .
والحجاب للنساء : إن كان يقصد به غطاء الوجه " النقاب " ونحوه ، فثمة خلاف بين العلماء فيه ، والأصح أنه على واجب على النساء جميعاً ، وليس هو خاصّاً بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله - :
وأما بالنسبة للنقاب : فتغطية الوجه واجبة ، على الصحيح من قولي العلماء ، وهو الذي تؤيده الأدلة الصحيحة ؛ لقوله تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) النور/ 31 ؛ ولقوله تعالى في نساء النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب/ 53 .
وكون الخطاب ورد في نساء النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع أن يتناول الحكم غيرهن مِن نساء المسلمين ؛ وذلك لأنه علل ذلك بعلة عامة ، وهي قوله : ( ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب/ 53 .
فالعلة عامة ، لنساء النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن ، ولغيرهن مِن النساء ، والطهارة مطلوبة للجميع ؛ لقوله تعالى في الآية الأخرى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) الأحزاب/ 59 .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 4 / 242 ، 243 ، السؤال رقم 250 ) .
ولمزيد تفصيل : ينظر جواب السؤال رقم : (
11774 ) .
وأما إن كان يقصد بالحجاب غطاء الرأس : فليس في وجوبه خلاف بين أهل العلم ، وإنكاره للنوعين ، وسخريته بهما : ردة عن الدِّين ؛ لأن الخمار وإن لم يكن واجباً عند بعض أهل العلم : فهو متفق على مشروعيته ، وأنه من دين الله ، فإنكاره والسخرية به كفر مخرج عن الملة .
وليس ثمة مجال لهذا الزنديق أن يسخر من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، إلا أن يطفح ما في قلبه من النفاق والزندقة ، ويظهر على فلتات لسانه ، فعائشة أم المؤمنين ، وزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، والمبرأة من الله في آيات تتلى إلى يوم القيامة ، فمن سخر منها فإنما يسخر من زوجها ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن نفى أن تكون أمّاً للمؤمنين فهو يخرج نفسه من دائرتهم ، وليس يضرها شيئا .
ثانياً:
إذا كان هذا هو حال هذا القريب : فليعلم أنه فاعل لما يوجب ردته ، وأن عليه التوبة ، والرجوع إلى دينه ، وأنه إن لقي الله بهذا : لقيه على غير الإسلام .
وأما الواجب عليكم – بعد نصحه - : فهو أن تهجروا مجالسه ، وتحذروا منه ، إلا أن يكون من يريد الجلوس معه على قدر من العلم ليرد عليه كفره ، وليحذر مجالسيه من شرِّه، وتكون صلته غير واجبة ، بل لا يجوز ابتداؤه بالسلام .
قال تعالى : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) القصص/ 55.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ ) من جاهل خاطبهم به ، ( قَالُوا ) مقالة عباد الرحمن أولي الألباب : ( لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ) أي : كُلٌّ سَيُجازَى بعمله الذي عمله وحده ، ليس عليه من وزر غيره شيء ، ولزم من ذلك : أنهم يتبرءون مما عليه الجاهلون ، من اللغو ، والباطل ، والكلام الذي لا فائدة فيه .
( سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) أي : لا تسمعون منَّا إلا الخير ، ولا نخاطبكم بمقتضى جهلكم ، فإنكم وإن رضيتم لأنفسكم هذا المرتع اللئيم : فإننا ننزه أنفسنا عنه ، ونصونها عن الخوض فيه ، ( لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) من كل وجه